مصير الكتاب في المستقبل | 30 سبتمبر 2023

 



في لقاء تنبؤي حول (مصير الكتاب) ناقشنا آثار التطوُّرات السريعة للذكاء الاصطناعي على عالم التأليف والنشر، وتسائلنا: هل ستختفي مهنة الكاتب والمُؤلّف؟ أو على أقل تقدير يتغيَّر شكل التأليف وتقل قيمة الكتابة وأدوار الباحث؟ حيث نشهد الآن ظهور قُدرات تقنية هائلة تُغنينا عن الوقت الطويل في تفحُّص المراجع والمصادر الورقية، يكفينا أن نصف بدقّة ما نُريد البحث عنه لأنظمة الذكاء الاصطناعي ويصلنا كاملًا بلا نُقصان!

وإن قاومَ بعض الباحثين والمؤلفين وواصلوا الكتابة بالطُرق التقليدية التي تعتمد بشكلٍ أساسيّ على العقل الإنساني والقُدرات الذهنية في التحليل والنقد، في نهاية المطاف ومع دخول الذكاء الاصطناعي لكل مناحي حياتنا  لا يوجد مفر من اللُّجوء إليه كوسيلة لاختصار الوقت وحفظ الجهد.

يتوقع البعض أن تشهَد المرحلة القادمة سُيول جارِفة من الكتب المنشورة، إذ تتوفّر الآن فرصة جيّدة لمُحبي الأضواء والشُهرة لتأليف كُتب مُزيفة، بعد أن كانوا يعصِرون أذهانهم لملئ فراغات كُتُبهم ومع ذلك لا تمتلئ!

إنمَّا هذه تنبؤات تُشبِه تلك التي لازمتنا في المرحلة الأولى من دخول الإنترنت، الَّتي كانت تملئها العشوائية والفوضى إلى أن سُنَّت القوانين والضوابط التنظيمية. وهذا ما سيقف في وجه الخداع القادم باِسم الذكاء الاصطناعي. فربما تُشدَّد الرقابة على النشر ويُعاد النظر في حقوق الملكية الفكرية، ويُجبَر الناشر على الإفصاح إذا تمّت الاستعانة بالذكاء الاصطناعي في منشوراته.


أما على الجانب الآخر، فيتنبأ البعض باختفاء القارئ التقليدي، بسبب سهولة الحصول على ما يشاء من معلومات مُختَصرة ومُحدَّدة بدلًا من شِراء كتاب يُخيّب آماله. فربما نرى قريبًا بضائع دُور النشر مُلقاة ومُكدَّسة على الطُرقات، أو تختفي المطابع تدريجيا.. من يدري!

 

حقوق النشر

يبدو أنَّ دُور النشر أمامها حرب كُبرى مع الذكاء الاصطناعي، ولا ندري حتَّى وقت كتابة هذه التدوينة كيف سيتعامل القانون مع حفظ حقوق المؤلف الَّذي ما إن تُوضع نصوصه على الإنترنت إلَّا وتُصبِح مُتاحة للاستخدام من قِبَل الذكاء الاصطناعي يُنشئ من خلالها منشورات أخرى لمن يطلب!

وكيف سيُصبِح الحال في نهاية المطاف لمهنة التأليف إذا فقدت قيمتها العلمية وكذلك الربحية؟

هل سيتوقّف الإنسان عن الإنتاج المعرفي؟

 

مصير الكتاب المتوقع

سيشهد الكتاب الورقي بعض التغييرات في الطلب والاستخدام، ورُبَّما يتقلَّص عدد القُرَّاء ويتَّجه العالم إلى شكلٍ جديد من تلقِّي المعرفة من خلال الآلة فقط. إلَّا أنَّ البعض لا ينظر للكتاب الورقي كمّادة معرفية وحسب، بل كتجربة ملموسة ممتعة وأكثر راحة من استخدام الأجهزة.

باختصار، مستقبل الكتاب الورقي لا يمكن التنبؤ به بدقّة، ولكن سيظلّ الإنسان بحاجة إلى القراءة لعدة أسباب، أهمها:

1. الاسترخاء: ما أحوجنا للحظات الهدوء والصمت بعيدًا عن مُشتِّتات الإشعارات وأنواع من المحتوى لا تتوقّف عن إدهاشك للضغط عليها! لن نفقد هذه النعمة إلَّا إذا وضعنا "غرسة\شريحة" تجعلنا أسرى للعالم الافتراضي إلى الأبد.

2. الاستفادة العاطفيَّة والعقليَّة: تُساعد الكتب في تغذية العواطف وفهم الإنسان لنفسه وبالتالي للآخرين، وتُطيل صبره وقُدرته على التركيز.

3. العُمق والتفاصيل: وحدها الكُتب ستغُوص بِك إلى أعماق كُل شيء تقرأ عنه.  

 

أخيرًا، مع توقُّف حركة التأليف، هل نتوقّع اختفاء معارض الكتب قريبًا؟

Comments

Popular posts from this blog

الشعر الغنائي السعودي (الخالِد)